مقابلة عامر رسول من الاتجاه الماركسي المعاصر مع کامیلا دینیس من Lutte ouvrière "النضال العمالي" حول الأحداث الجارية في فرنسا وقانون رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، لنقل حقائق وتفاصيل الأحداث إلى قرائنا بعيدا عن إعلام الظل الزائف للبرجوازية
عامر رسول: هل يمكن أن تعطينا فكرة ومقدمة عن خلفية إصرار حكومة ماكرون على رفع سن التقاعد القانوني خلال هذه الفترة التي يمر فيها العالم الرأسمالي بأزمة اقتصادية عميقة ومتعددة الأوجه؟
کامیلا دینیس: أعلن ماكرون عن هدفه والمتمثل بتوفير 150 مليار يورو في عشر سنوات، بالنسبة للبرجوازية، يتعلق الأمر بضمان أن يذهب أقل قدر ممكن من المال إلى معاشات العمال، وأن الجزء الأكبر من ميزانية الدولة مخصص للرأسماليين. إن البرجوازية تقوم بالفعل بتقليص ما تنفقه الدولة على المستشفيات والرعاية الصحية والنقل العام والتعليم والسلطات المحلية وما إلى ذلك، والمعاشات التقاعدية هي عنصر آخر يريدون تقليصه.
عامر رسول: كيف تسير الاحتجاجات والمظاهرات ضد تشريع قانون "رفع سن التقاعد من 62 إلى 64" في جميع مدن فرنسا، ومن هي الأحزاب والقطاعات التي شاركت بفعالية في هذه التجمعات الضخمة؟
کامیلا دینیس: كان هناك أكثر من 10 أيام من المظاهرات، شارك فيها عدة ملايين من العمال من جميع القطاعات، وكان القطاع العام هو الأكثر وضوحا وحضورا في المظاهرات، وحدثت توقفات(تعطيل) في العديد من الشركات، بما في ذلك الشركات الصغيرة. كانت هناك العديد من المظاهرات في المدن والبلدات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتتمتع هذه الحركة بدعم قوي من الرأي العام، لكن قطاعات قليلة فقط أضربت لعدة أيام متتالية: بعض عمال السكك الحديدية وجامعي القمامة (عمال النظافة) والمعلمين. لم تتخذ هذه الحركة أبدا طابعا متفجرا ولم تتحول إلى إضراب حقيقي، او إضراب عام، وظلت المنظمات النقابية تحت سيطرتها وتأطيرها.
عامر رسول: ما هي السياسات والاجراءات التي اتخذتها الحكومة لغرض قمع حركة ملايين العمال، وكيف ترى تعامل الشرطة مع المتظاهرين؟
کامیلا دینیس: ليس من المستغرب أن تستخدم الحكومة القوات القمعية المعتادة، وسعت إلى تخويف المتظاهرين.
عامر رسول: ما هي خطة إدامة وتعبئة قطاعات الطبقة العاملة المختلفة ضد الحكومة وإفشال القانون؟ كيف ترى مصير الحركة العمالية في فرنسا؟
کامیلا دینیس: لقد ناضلت Lutte ouvrière من أجل توسيع هذه الحركة وتحويلها إلى إضراب تحت السيطرة الديمقراطية للعمال، وعلى الرغم من أن القوى الثورية في فرنسا أضعف من أن تغير الاتجاه العام للحركة، إلا أن المناقشات والمناظرات الجارية أثارت وعيا سياسيا متزايدا بين العمال والشباب، مما يسلط الضوء على ضرورة التنظيم على أساس طبقي، وهذه مناسبة لنا لإسماع الأفكار الشيوعية الثورية.
إن أهم جانب في هذه الحركة هو أنها من خلال تعبئة ملايين العمال في مظاهرات الشوارع، خروج شريحة من الطبقة العاملة مدركة للقوة التي يمكن أن تمثلها في مواجهة السلطة، وكذلك في مواجهة الرأسماليين، الذين هم الرعاة الحقيقيون للأمر.
لقد اختبر ملايين العمال أيضا أن "الديمقراطية البرجوازية" الشهيرة لا تأخذ في الاعتبار رأيهم بل تخدم مصالح الرأسماليين الذين يمكنهم فرض قراراتهم بغض النظر عن ذلك.
هذه هي النتيجة التي حققها ماكرون بموقفه الاستفزازي، وهي نتيجة لم يكن يريدها، وربما ليس القادة النقابيون أيضا، الذين يفضلون إظهار فائدتهم في وضع الأزمة مع الحكومة، ولكن لا يزال يتعين عليهم مواجهة هذا الاحتجاج خوفا من فقدان مصداقيتهم مع العمال.
بالطبع، قد يرغب البعض في استغلال الوضع بطريقتهم الخاصة بالقول إن الناس "يصوتون لنا" في الانتخابات القادمة (Nupes RN) مع خطر حدوث تطور منحى رجعي.
ومع ذلك، فإن هذه الاحداث وتجربة الصراع الطبقي التي ظهرت يمكن أن تبقى في أذهان الناس، وهدفنا هو أن تخرج الطبقة العاملة منها أقوى وأكثر وعيا بالسياسة، مع شعور أفضل بقوتها.
هذا أمر جوهري، لأن الطبقة العاملة ستواجه العديد من المشاكل الأخرى في تلك الفترة، ويجب أن تكون قادرة على مواجهة الأزمة والتطور نحو الحرب، وقادرة على فرض حلولها الثورية. بالنسبة لنا، فإن الثورة البروليتارية، على الصعيد الدولي، هي السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة، التي هي أزمة النظام الرأسمالي نفسه. نحن نكافح من أجل هذه الأفكار، ونعتقد أن جزءا صغيرا من العمال أكثر استعدادا لسماعها.